مطعم سعادة السماء

"التواضع، المحبة لأخيك الإنسان وخدمة المجتمع"

كل اللي مارق من هون وجوعان بياكل

هذا ما يتعلّمه المتطوّع في مطعم سعادة السماء الذي فتح أبوابه في أيار/مايو ٢٠١٦ في المينا. مطعم قائم على مبدأ إطعام الجميع، فكلّ مارٍ أو عابر سبيل جائع يتوقف لتناول وجبة صحية محضّرة من أيادي معطاء، وهبت بضع ساعات من نهارها لخدمة الغير. المحلات أو الأفراد يرسلون المكونات، النساء يحضرن الطبق، والكشافة أو أي فرد متطوع يقدمها للحاضرين. من هم الحاضرون؟ "بيّاع الفحم، اللي بيجمّع كرتون، شوفير، ناس من المينا، ناس من الزاهرية، ناس من طرابلس، ضيوف... مبدأنا إنو كل اللي مارق من هون وجوعان بياكل" هكذا اختصرت السيدات هويتهم.

ننتمي لمجتمع ونخدم أبناءه

يتم تحديد وجبات أيام الأسبوع يوم الأحد والإعلان عنها على صفحة المطعم على فايسبوك، وفي غضون أيام، يتقدّم الأفراد بالمكونات، كل حسب مقدوره، فيأتون بأكياس الرز، أشوال البطاطا، أكياس الخبز وباقي الأطعمة التي يودّون تقديمها من باب المساعدة وفعل الخير. تقوم النساء بتحضير الوجبات كل يوم للحاضرين، بالإضافة إلى الحلويات والعصائر، التي تستقطب الأطفال أيضاً. "بطعمونا رز بحليب، ومنحبّن كتير، صاروا متل عيلتنا،" يقول أحد الأطفال الذي أصبح من رواد مطعم سعادة السماء. أما لتقديم الطعام فيأتي لتأدية هذه المهمة اليومية أفراد أو جمعيات أو كشافة، يجدون في هذا التطوع ما يفيدهم شخصياً ويفيد أفراد مجتمعهم. توطّدت العلاقة بين الناشطين في مطعم سعادة السماء وضيوفه، فغدوا أصدقاء، يسألون عن أخبار بعضهم ويتجاذبون أطراف الحديث. هناك من يأتي كل يوم وبات يعرف مكان الصحون والمحارم، وهناك الوجوه الجديدة التي تتوافد بعضها بخجل والبعض الآخر بفضول، فيصبح من الوجوه المألوفة لسلاسة المطعم وطيبة العاملين فيه.

وجبة بتفرّح الجوعان وبتبسط المتطوّع

يغذّي مطعم سعادة السماء أصعدة وجوانب مختلفة من حياة كل فرد، فالذي يحتاج إلى وجبة، يأتي ليحصل عليها، والذي أنعم عليه ربه بنعم، يساعد غيره، والذي يحب مساعدة الآخرين، يبسط يديه لخدمة الغير ويتعرف على مختلف شرائح المجتمع، فينظر بقلبه وبعينيه في الوقت نفسه، فتخصيص القليل من الوقت يومياً لمساعدة الغير فيه إفادة للنفس أيضاً. الوقت يموت قضاؤه بفعل الخير يشعرك بأنك فعلاً تعيش. ها هم فاعلو الخير يعيشون، وها هي طرابلس معهم وبهم تعيش.