"بسينات" العيش المشترك

يتعايش أبو علي مع عشر قطط في طرابلس، ويحبّها كما لو كانت عائلته.

تأكل كلها من إناء واحد!

بالنسبة لنا، القطط حيوانات أليفة، نعتاد عليها في بيوتنا، تؤانسنا في وحدتنا وتعلّمنا الرفق بالحيوان. أما أبو علي، له تجربة خاصة معها: لديه عشر منها.

"هيدا تعايش هيدا؟"

أطلق عليها الأسامي بنفسه، فهناك سبع السبوع، فهدة الصيّادة، بُسَيْنة، بلّولة، غندورة، كَحلة، تايغر، اوباما، بوما وباتمان تحوم حوله، يطعمها كلها من إناء واحد، رغم أن القطط لا تحبّ ذلك. يعتبر أبو علي هذه الحقيقة أكبر دليل أن التعايش موجود عند الحيوانات دون البشر، فيذكرنا عندما شُنَّت الحرب اللبنانية ولم يعد يعرف المرء أخاه... "هيدا تعايش هيدا؟" يسأل أبو علي بسخرية، غير آبه بالإجابة التي لم أكن سأقولها، فيكفي أن أتأمّله وهو يداعب بصمت إحدى القطط التي جلست على الارض بالقرب من كرسيه الصغير.

تموء قطط طرابلس مناديةً أبو علي

قطط الحيّ كلّها تعرف أبو علي، مواؤها دليلٌ على ذلك، تجول حوله في أزقة المينا وتتبعه منتظرةً قوتها اليومي: بقايا اللّحم التي يخبّئها أبو مصطفى في ملحمته ليطعمها أبو علي لهذه القطط التي تموء لتخبر الجميع أنه قد وصل.

هل تربية القطط هواية؟

تربية القطط ليست هواية حديثة للرجل الستّيني الذي تبدو على وجهه علامات التعب والإرهاق، فقد أحبَّها منذ الطفولة، معتنياً بإحداها مع دجاجة في منزله حيث كان يعيش مع اخوته وأهله. تزوّج اخوته باكراً، فبقِي مع قطته ودجاجته، منتقلاً بعدها إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ليعمل في الهندسة الكهربائية. لم يتزوّج أبو علي؛ هذا لقبه لكثرة ما كان يغوص في شجارات مع صِبْية الحيّ في صغره.

الصديق الصدوق: بسينة

وجد أبو علي في القطط أصدقاءً أوفياء لم يلقاهم في البشر. ففي أروقة طرابلس وأزقتها، يجلس أبو علي مع هولاء الأصدقاء بسلام، يتجاذبون أطراف الحديث كلٌ على طريقته، يتعايشون كلٌ حسب فصيلته..